العفرتّة ليوسف مارس في عرضها ما قبل الأول: لمسة وفاء للفن الملتزم ومحاولة في فهم “الشخصية التونسية” بين الماضي والحاضر
احتفى جمهور المسرح بالعمل الجديد للمخرج المسرحي يوسف مارس “العفرتّة” بحضور ملفت للمسرحيين وأهل الصحافة والاعلام بقاعة الفن الرابع مساء الاربعاء 12 فيفري 2025.






مسرحية “العفرتة” هي نتيجة عمل مخبري كما تم توصيفه من قبل المخرج يوسف مارس في حوار له مع منصة فنون 52 لتضافر جهود فريق العمل طيلة أشهر من التحضير، فالعفرتة كتابة نور الدين الهمامي الذي كان حاضرا على خشبة المسرح برفقة كل من منى الشنوفي ولطفي الناجح ووجدي حداد وياسمين الشكيلي.



وأشرف على الإضاءة امين الشورابي، اما الصوت فكان تحت اشراف لطفي معاوية ونجد ايهاب بن رمضان في المساعدة على الاخراج.
قدّم يوسف مارس من خلال “العفرتة” لمسة وفاء للفن الملتزم وانتصر للفكر اليساري رمز النضال والكلمة الحرة والدفاع عن الوطن.
انتصر المخرج للفكر اليساري رغم تفكيك مشاكله بأسلوب ذكي وأبرز أن معضلة اليسار تكمن في عدم قدرته على التأقلم مع المتغيرات من خلال الفرقة الموسيقية الملتزمة “العفرتة”.
هذه الفرقة الموسيقية الملتزمة الحاضرة على خشبة المسرح مثلت لمسة وفاء لكل فنان ملتزم قدّم الكثير لوطنه شاعرا كان أو ملحنا أو رساما أو ممثلا.
أصحاب الكلمة الحرة والالتزام كانوا صوت من لا صوت لهم طيلة حقبة زمنية عرفتها تونس فهو الفن الحامل لرسائل سياسية واجتماعية يؤمنون بها أصحابها ودافعوا عنها بايمان وشجاعة ودفعوا أحيانا سنوات خلف القضبان ثمن كلمتهم الحرة وايمانهم بدورهم.
طرح يوسف مارس ضمن مسرحية “العفرتة” الوضعية الحالية لأصحاب الفن الملتزم واحساسهم بالغبن والقهر في وطن خيب امالهم رغم الثورة والآمال التي حملتها اثر اندلاعها.
واختار المخرج سينوغرافيا فيها من الاقتصاد من فضاء فارغ واضاءة خافتة وكرسي تم استعماله في وضعيات محددة وكان العنصر الأبرز هو الممثل بجميع الياته المحرك للحكاية جسدا واحساسا وهنا يجدر التنويه بأداء نور الدين الهمامي الذي استطاع أن يجسد معاناة فنان ملتزم عاش في فترتين القمع ما قبل الثورة والتهميش وخيبة الآمال ما بعد الثورة.
هذا الفراغ الذي ميّز خشبة المسرح يوحي مباشرة الى وجدان الفنان الملتزم المفعم بالحس والكلمة من جهة والمحبط أحيانا نتيجة التهميش واللامبالاة من جهة أخرى. كما أن هذا الفضاء الفارغ من عناصر الديكور امتلئ بالشعر والموسيقى اللذان يعودان بالمتفرج الى تيار فكري وفني عرف بمبدعيه.



وقد كان حاضرا الجيل الجديد من اليسار المتمثل في الشخصيات التي قدماها كل من وجدي حداد وياسمين الشكيلي، شابان يعيشان قصة حب ويحاولان المحافظة على أرشيف الفرقة الفنية “العفرتة” من خلال استغلال المحامل الرقمية وايصاله الى أكبر عدد ممكن من الناس.
هذا الجيل الذي وجد نفسه يتحدث لغة لا يفهمها أبناء الجيل الذي سبقهم ..فما الحل في هذه الهوة العميقة ما بين جيلين ينتميان الى نفس التيار الفكري.




ولا يمكن أن يمرّ حمل حبيبة -الشخصية التي تجسدها منى الشنوفي- لكتاب “الشخصية التونسية: محاولة في فهم الشخصية العربية” للمنصف وناس مرور الكرام وكأن بذلك إشارة الى انّ يوسف مارس أراد أن يحلل الشخصية التونسية من خلال نماذج الشخصيات التي قُدّمت على خشبة المسرح وطبيعة العلاقات المختلفة من علاقة الزوجة بزوجها وهو ما طرح من صراع بين حبيبة المستقلة والرافضة لإعادة الانجاب وزوجها ناظم الشخصية التي جسدها لطفي ناجح الى علاقة الأجيال واللغة التي يمكن أن تجمع بين عوالهم المختلفة.

يمكن اعتبار “العفرّتة” هي تجربة فنية حاول يوسف مارس من خلالها تفكيك الحالة النفسية والاجتماعية لحاملي الرسائل الفنية الملتزمة بين الماضي والحاضر فهي قراءة نابعة من فنان ملتزم بمبادئ وقضايا تظهر في أعماله وهو الأمر بالنسبة لنور الدين الهمامي ككاتب وممثل ويوسف مارس كمخرج دون أن ننسى بقية الفريق الذي شارك في التعبير عن هذه الرؤية الفنية كل من زاويته الفنية.
ان اختيار عنوان المسرحية “العفرّتة” ليس اعتباطيا، فهذه المسرحية هي لمسة وفاء لفناني هذا الوطن وهي في نفس الوقت دعوة لهم بأن يعيدوا حساباتهم ويلملموا أوراقهم ويقفوا من جديد رغم الخيبات.
يجدر التنويه الى أن مسرحية العفرتة من انتاج شركة مارس للإنتاج وبدعم من وزارة الشؤون الثقافية والتي الى غاية لحظة العرض لم يتلقوا أي قسط على حد تعبير الممثل وكاتب النص نور الدين الهمامي وهو ما اعتبره يوسف مارس التزام في حد ذاته في حديثه لمنصة فنون 52 حول هذه المسألة.
الكلمات المفاتيح: مسرح – العفرّتة- يوسف مارس – الفن الملتزم
معرض فني تشكيلي “إضاءات تونسية” بمؤسسة البيت العربي بإسبانيا في إطار تعاون تونسي اسباني
في إطار الاحتفال بالذكرى الثلاثين لتوقيع معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون بين تونس وإسب…